ومات الباشا الكبير المستشار محفوظ عزام رحمة الله عليه كنا نمر عليها ونحن فى طريقنا لصلاة الجمعة بالمسجد الذى أسسه المستشار الدكتور عبد الوهاب عزام.

 


علاء الدين عباس

ومات الباشا الكبير

توفى أمس المستشار محفوظ عزام رحمة الله عليه وسعادة المستشار الفاضل كان باشا وابن باشا بكل ما تحمله الكلمة من معنى عرفت سعادة المستشار منذ كنت طفلا صغيرا حيث تقع فيلته بحلوان بجوار بيت والدى رحمة الله عليه كنا نمر عليها ونحن فى طريقنا لصلاة الجمعة بمسجد عزا، المسجد الذى أسسه جد المستشار الدكتور عبد الوهاب عزام.

وألحق به مقبرته التى دفن فيها وكان المهندس عمر ابن المستشار محفوظ عزام صديق الطفولة كنت امازحه دائما عندما نتناقش فى موضوع وأقول له يا عمر .. ما انت أصلك باشا وابن بشوات وإحنا بقى من عموم الشعب الغلبان كانت عائلة عزام تمثل لنا رمز الإرستقراطية المحترمة مع التقاليد العربية الأصيلة فى نفس الوقت
.
طبعا أشهرهم كان عبد الرحمن باشا عزام والذى يعرفه الجميع بأنه هو الذى أسس جامعة الدولة العربية وتولى الأمين العام لها منذ ١٩٤٥م وهو عم المستشار محفوظ عزام الذى نتحدث عنه اليوم والأستاذ محفوظ عزام هو خال الدكتور أيمن الظواهرى ومحمد الظواهرى وكان داعما لهما حتى مع تشددهما وتبنيهما لأفكار فيها الحدة والتطرف ولكن مع عائلة عزام كنت تشعر أن رباط العائلة أوثق من الأيديولوجيات .. فقد كان منهم الإخوانى واليسارى والصوفى والعلمانى
.
والمستشار محفوظ عزام إختار طريقه منذ شبابه الباكر عندما انضم لجماعة مصر الفتاة التى أنشأها أحمد حسين كوريث شرعى لفكر الحزب الوطنى (القديم) الذى أسسه مصطفى كامل مع محمد فريد.كان لمستشار محفوظ عزام يحكى لى عن شبابه وكيف كان يخرج مع اصحابه من أعضاء مصر الفتاة فى حملات لتكسير الخمارات وكيف كانوا جماعة راديكالية تمارس العنف السياسى كوسيلة للتغيير .فى فيلا المستشار محفوظ عزام تعرفت على ثلة من الرجال الكبار الذين اسعدني الحظ بمجالستهم والاستماع إليهم والتعلم منهم
.
كان على رأسهم الأستاذ فتحى رضوان الرجل السياسى المعروف والمناضل الحر والذى شارك فى الحكم أيام عبد الناصر كوزير للإرشاد القومى مدة ثلاث سنوات فى منتصف الخمسينيات وكان هو الرأس المدبر لفكرة انشاء ظهير سياسى للضباط الأحرار سواء فيما سمى بهيئة التحرير أو الإتحاد القومى والتقيت أيضا فى منزل المستشار محفوظ عزام بإبراهيم شكرى رئيس حزب العمل والذى تولى وزارة الزراعة أيام السادات
.
وكان أيضا من أصغر نواب البرلمان سنا فى عهد الملك ويوم قابلته وسلمت عليه قلت له اهلا بالشهيد الحى فسعد جدا أن يرى صبيا يافعا حديث السن يعرف حكاية الشهيد الحى والحكاية ببساطة أن إبراهيم شكرى كان مشاركا فى مظاهرات الطلبة فى نوفمبر عام ١٩٣٥ المطالبة بعودة دستور ١٩٢٣ والذى ألغاء إسماعيل صدقى .. وتم إطلاق النار عليه هو ومجموعة من الطلبة وعندما أغمى عليه ظنوه قد مات فحملوه مع زملائه إلى مشرحة قصر العينى ولكنه أفاق بالمشرحة فتم نقله للعلاج بالمستشفى وكان هذا سبب تسميته الشهيد الحى
.
وحتى لا أطيل فقد عرفنى المستشار محفوظ عزام بالكثير من الأعلام فى عالم السياسة والمجتمع منهم عادل حسين الصحفى المشهور والدكتور صلاح عبد المتعال الأستاذ بالمركز القومى للبحوث الإجتماعية والجنائية .. والدكتور محمد حلمى مراد وزير التربية والتعليم الأسبق.. وغيرهم كان المستشار محفوظ عزام قمة فى التواضع والادب الراقى وخفة الظل فى آن واحد أهم حاجة تعلمتها منه إنك تحترم الناس صغيرهم قبل كبيرهم.. وتنزل الناس منازلهم
.
كان داعما وبقوة ووضوح للتيار الإسلامى أمام الجميع خاصة المسئولين رغم ما قد يناله من مضايقات من أثر هذا الدعم ولكنه فيما بيننا كان من اشد المنتقدين والناصحين للإخوان أيضا .. لم يكن إخوانيا ولكنه كان من اقوى الداعمين والمؤيدين لهم فى انتخابات عام ١٩٨٧م كانت جماعة الإخوان المسلمين كونت تحالفا من الإخوان وحزب العمل وحزب الأحرار تحت شعار الإسلام هو الحل (الذى وضع الشعار هو الصحفى عادل حسين رئيس تحرير الشعب )
.
وذهبت مع الأستاذ محفوظ عزام لزيارة عائلة بحلوان البلد واستقبلونا فى مندرة العائلة ولما جلسنا مع كبيرهم الحاج فلان ..بدأت بالحديث عن التيار الإسلامى وكيف أنهم يحملون الخير لمصر .. إلخ وهنا انبرى المستشار محفوظ عزام وقال .. استنى يابنى .. مشيرا لى أن أسكت ثم ألتفت لكبير العائلة وقال إحنا جينا وعندنا عشم فيك يا حاج فلان .. عاوزين اصوات البلد عندك تكون لنا .. وهات ايدك نقرأ الفاتحة فقال الرجل .. انت مجيتك عندنا دى شرف يا كبير .. اعتبر أصوات بلدنا كلها لكم
.
وقرأنا الفاتحة وخرجنا وفى الطريق قلت له يا فندم انت واثق أن الرجل سينفذ وعده بجد فضحك وقال عيب ياوله.. هو أحنا بنلعب كبير العائلة لو قال كلمة بيلتزم بها ولو على رقبته .. دى فاتحة وقريناها سوا وفعلا بعد ذلك أثناء فرز الصناديق لاحظت أن حلوان البلد قد أعطت نسبة الأصوات الأكبر للتيار الإسلامى رغم ان ابنهم محمد على محجوب وزير الاوقاف كان مرشح على قوائم الحزب الوطنى الديمقراطي

كان المستشار محفوظ عزام ينتقدنا أحيانا بأننا عندنا سذاجة فى ممارسة السياسة وأن مدخل الناس فى الانتخابات وكسب الأصوات غير الدعوة بالمساجد وتربية الإيمانيات مرة بعت لى وقال غاضبا .. انتم بتهرجوا والا إيه ؟نازلين أمام وحوش الانتخابات محجوب وخليفة على حسنين (مرشحين الحزب الوطنى) .. ومفيش ليكم إلا يافطة غلبان عند ركن فاروق

وكان الحزب الوطنى قد ملأ أركان حلوان كلها بمئات اليفط الضخمة والإعلانات البارزة فقلت له والله الإخوة عملوا اليافطة دى بصعوبة وبمجهود ذاتى فقال بلاش كلام فارغ .. ولا تضحكوا الناس علينا ثم اتصل بفراشة المعلم شرف المعروفة بحلوان وقال له يا معلم شرف هبعت لك بعض اولادنا شوف عاوزين يعلقوا يفط إيه وحسابهم معايا ثم قال تروح للمعلم شرف وتطلب منه يعلق لكم يافطة كبيرة فى مقابل محطة مترو حلوان .. يدق لها عواميد وفراشة محترمة
.
وفعلا كانت أكبر يافطة فى الانتخابات وكتبنا عليها نرعى العهد ونرعى الذمة للأقباط إخوان الأمة صوتك أمانة للتحالف الإسلامى من الطرائف التى كثيرا ما اتندر بها للمستشار محفوظ عزام كنا جالسين فى حديقة فيلته بحلوان وكان الدكتور صلاح عبد المتعال وبعض كبار رجال حزب العمل والصحفيين وسأل الأستاذ محفوظ عزام الدكتور صلاح عن الشاى الذى يرغب فيه ثم ظل يعدد انواعا من الشاى بالنعناع والزنجبيل والبسكويت المصاحب به
.
فتبسم الدكتور صلاح وقال والله إنت حيرتنا يا أستاذ محفوظ نختار ايه والا أيه .. خاصة الأسماء الغريبة والجديدة فقلت له يا دكتور صلاح إحنا آخرنا شاى أحمر أو أخضر بس ده بقى شاى البشوات انواع وأشكال ثم حولت دفة الحديث للتيشرت الازرق الشيك جدا الذى يلبسه المستشار محفوظ عزام وقلت شفت يا دكتور التيشيرت الشبابى ده .. مخلى الأستاذ محفوظ زى نجوم السينما ما شاء الله
.
فانبرى الجميع فى مجاملات للأستاذ محفوظ عزام ما شاء الله فعلا التيشيرت هينطق على سعادتك .. طبعا انت جبته من لندن فى رحلتك الأخيرة وآخر يقول لا . ده غالبا من الشانزليزيه لما كان سعادة المستشار فى باريس والأستاذ محفوظ عزام يهز رأسه بالإمتنان على إطراء الأصحاب وبعد أن إنفض المجلس وذهب الضيوف وبينما أنا اتحين للإنصراف إقترب منى المستشار محفوظ عزام وقال عارف يا واد ياعلاء التيشترت اللى عجبهم ده وبيقولوا من لندن والا باريس أنا جايبه منين ؟ ده من محل فى العتبة كان منزل تخفيضات التيشيرت بخمسة جنيه
.
وجبت منه طقم ألوان ثم ضحك وقال صحيح التيشيرت بخمسة جنيه بس لما يلبسه محفوظ باشا عزام يبقى بخمسمائة جنيه .. ثم ضحك وقال اوعى بقى تقول السر ده لحد الله يرحمه كان والدا كريما .. حانيا .. صاحب عاطفة جياشه كان حبه لزوجته وتقديره لها لا مثيل له .كان يطلق عليها (الهانم)
.
عند وفاتها وعلى المقابر وقف يتلقى العزاء وعندما حضر الأستاذ مصطفى مشهور وجدناه وقد اقبل عليه ثم انفجر فى البكاء كطفل صغير وهو الرجل الشيخ الكبير ثم قبل يد الأستاذ مصطفى مشهور بتواضع جم وهو يلقى بنفسه فى أحضانه فى موقف أثر فى كل المشيعين للجنازة الله يرحمه ويغفر له ويجمعنا معه فى جنات النعيم على سرر متقابلين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

الكلمات:القدسُ وعكّا نحنُ إلى يافا في غزّةَ نحنُ وقلبِ جِنين الواحدُ منّا يُزهرُ آلافا لن تَذبُل فينا ورقةُ تين ما هان الحقُّ عليكِ ولا خافَ عودتُنا إيمانٌ ويقين لن نسكتَ لن نستسلمَ لا لا لا لا نفديكِ لنحيا يا فلسطين فلسطين بلادي نحملُها جُرحاً أو أملا لا لا لا ورح نبقى فيها ليوم الدين فلسطين بلادي كي تُشرقَ شمسُكِ فوقَ أمانينا وينامَ صغارُكِ مُبتسمين ونراكِ بخيرٍ حين تُنادينا لعمارِ بُيوتٍ وبساتين سنعيدُكِ وطناً رغم مآسينا أحراراً نشدو متّحدين لن نسكتَ لن نستسلمَ لا نفديكِ لنحيا يا فلسطين فلسطين بلادي نحملُها جُرحاً أو أملا لا ورح نبقى فيها ليوم الدين فلسطين بلادي#palestine #فلسطين

العالم روبرت غيلهم زعيم اليهود في معهد ألبرت أينشتاين، والمختص في علم الأجنة أعلن إسلامه بمجرد معرفته للحقيقة العلمية ولإعجاز القرآن