رواية جديدة.. أشرف مروان أفضل من تجسس لإسرائيل هآرتس الإسرائيلية: مروان (وسط) قدّم لإسرائيل معلومات مذهلة وكثيفة ودقيقة عن الجيش المصري قبيل حرب أكتوبر (غيتي)
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
![blogs أشرف مروان](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2018/09/67292594-14ef-476a-80d4-199554095aab.jpeg?resize=686%2C513)
ونسبت التايمز في تقرير لها اليوم إلى الصحيفة الإسرائيلية قولها إن الضابط الإسرائيلي الذي عمل مباشرة مع مروان التقاه أول مرة في فندق رويال لانكستر هوتيل المقابل لحديقة هايدبارك الشهيرة بلندن في ديسمبر/كانون الأول 1970، بعد ثلاثة أشهر من وفاة عبد الناصر في سبتمبر/أيلول من العام نفسه، لكنه كان قد عرض خدماته على الإسرائيليين قبل وفاة صهره، عندما كان عمره 26 عاما.
وعلقت تايمز بأن التأكيد على أن أشرف مروان كان جاسوسا مخلصا ومفيدا لإسرائيل سيعيد كتابة بعض من تاريخ إسرائيل ومصر، خاصة بعد إحاطة الحديث عن مروان بهالة من الغموض والأسطورة، مشيرة إلى أن بعض المؤرخين ورجال الاستخبارات والأمن السابقين والمسؤولين المصريين المتقاعدين، عارضوا الرأي القائل إن مروان كان أهم عميل لإسرائيل، مع مزاعم منهم بأنه كان يعمل لصالح القاهرة طوال الوقت.
![تايمز: الرفض المصري الرسمي والجنازة الفاخرة التي أُقيمت لأشرف مروان في القاهرة لا يعنيان أنه بريء من تهمة التجسس (رويترز)](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2020/01/71a75608-9a7c-4fb9-9146-cc27932c0876.jpeg)
وقال دوبي "لم أسأل أبدا عن دوافعه"، لكنه أضاف أنه يعتقد أن الحصول على المال كان من هذه الدوافع، حيث كانت إسرائيل تدفع له عشرات الآلاف من الدولارات، مضيفا أن هذا النوع من الأسئلة لا يسأله ضباط الاتصال، لكن بالفعل "مسألة الدوافع أزعجت إسرائيل، إذ كانت تريد معرفة السبب الذي يدفع صهر عبد الناصر ليأتي إليهم متطوعا بخدماته، فأفراد المخابرات لا يحبون المتطوعين ويخافون منهم".
لكن المعلومات التي قدمها قبيل حرب أكتوبر كانت أهم ما قدمه لإسرائيل، إذ أبقى الإسرائيليين على اطلاع دائم على تحضيرات مصر السرية لغزو صحراء سيناء التي تحتلها إسرائيل عبر قناة السويس، لكن التوقيت الذي ذكره للهجوم أثبت أنه خاطئ بساعات.
فقد قال الملاك للإسرائيليين إن الهجوم المصري سيبدأ قبل غروب شمس 6 أكتوبر، لكنه بدأ بالفعل عند الساعة الثانية بعد الظهر، مما تسبب في ارتباك الدفاعات الإسرائيلية، وأثار نظريات بأن هدف الملاك كان خداع الموساد.
لكن دوبي قال إن هذا لم يكن صحيحا وألقى باللوم على اللواء إيلي زيرا رئيس المخابرات العسكرية آنذاك في استمرار هذه النظرية، لأنه لم يأخذ معلومات "الملاك" محمل الجد، وكان بحاجة لإلقاء اللوم على شخص ما بسبب خسائر إسرائيل المبكرة في تلك الحرب.
لكن الرفض الرسمي والجنازة الفاخرة لم يكونا دليلا على أن مصر تعتقد حقا أنه بريء، لقد "كان الأمر كما في الأفلام: يقوم رئيس المافيا بتصفية نائبه، ويذهب إلى الجنازة ويخبر الأرملة وأصدقاء المتوفى بأن المرحوم كان كان شخصا رائعا ومهما!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد كان أفضل جاسوس جنده الموساد على الإطلاق، من السيئ بالنسبة للإسرائيليين أنهم لم يستمعوا إليه. علاوةً على ذلك، سبّب نزاعًا داخل إسرائيل حول سبب تجاهله إلى وفاته. لكن الإسرائيليين لم يكونوا عملاءه الوحيدين؛ باع ذلك المصدر خدماته أيضًا إلى السعودية.
كان أشرف مروان زوج ابنة الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وأصبح بعد ذلك مستشارًا هامًا لخليفة عبد الناصر أنور السادات. في عام 1970 اتصل مروان بالسفارة الإسرائيلية في لندن وعرض العمل لصالح المخابرات الإسرائيلية. اعتبره الموساد أفضل مصادره على الإطلاق، حيث كان رئيس الجهاز تسفي زامير عادةً ما يلتقيه وجهًا لوجه لاستخلاص المعلومات منه.يسلط كتابٌ جديد لخبير الاستخبارات الإسرائيلي أوري بار-جوزيف الضوء على قصة "الملاك"، وهو الاسم الكودي لمروان، بكل تفاصيلها. إنها قصة تجسس على أعلى مستوى. أمد "الملاك" إسرائيل بالتنظيم القتالي للقوات المسلحة المصرية بالكامل وخطط مصر الحربية لمهاجمة إسرائيل عبر قناة السويس. كما كان يبلغ باستمرار بتفاصيل لقاءات السادات مع القادة السوفيت ويرسل لحظة بلحظة تقارير عن شحنات الأسلحة السوفيتية إلى القاهرة.
لكن خبراء الاستخبارات العسكرية الإسرائيليين في شعبة الاستخبارات العسكرية، والتي كانت مسؤولة حصرًا عن وضع التقديرات الاستخباراتية حول ما إذا كانت مصر سوف تدخل الحرب، كانوا مقتنعين أن السادات لن يخاطر. كان لدى الاستخبارات العسكرية مفهومًا للتخطيط الحربي. في ذلك المفهوم، لا يمكن لمصر هزيمة إسرائيل بسبب تفوق إسرائيل الجوي الساحق، والذي كان القادة المصريون يدركون أنه يجعل الحرب انتحارية، وبالتالي فإن السادات لن يهاجم.
لكن "الملاك" أبلغ إسرائيل عام 1972 أن السادات يعتقد أنه ليس لديه خيار سوى الدخول في حرب لأن إسرائيل تغلق كل سبل الدبلوماسية. علاوةً على ذلك، كان السادات يخطط لحربٍ محدودة لكسر الجمود، لا لصراعٍ واسع النطاق. كان المفهوم غير ذي صلة.
حينذاك، في آب/أغسطس 1973، أبلغ مروان زامير أن السادات قد سافر إلى السعودية للقاء الملك فيصل. أبلغ السادات فيصل، في لقاءٍ لم يحضره سوى السادات وفيصل ومروان، أنه سوف يهاجم إسرائيل مع سوريا في خريف ذلك العام. وعد فيصل السادات بأن المملكة سوف تفرض حظرًا للنفط على الولايات المتحدة إذا أعادت إمداد إسرائيل. كان حظر النفط هو سلاح العرب الأقوى على الإطلاق.
كما كان أيضًا كابوس الولايات المتحدة. حسب تلك الرواية، شارك الإسرائيليون فحوى تقارير "الملاك" مع إدارة نيكسون. على ما يبدو فإن وزير الخارجية هنري كيسنجر تجاهل التحذير بأن سلاح النفط كان يتم إعداده للاستخدام. أظهرت تقارير أخرى أن ذلك لم يكن التحذير الوحيد الذي تجاهله كيسنجر.
في تلك الأثناء، رفض الجنرالات الإسرائيليون التخلي عن مفهومهم. عندما كانت سحب الحرب تتجمع في أكتوبر 1973، أصرت شعبة الاستخبارات العسكرية على أنه ليس هناك ما يدعو للقلق. أقنعت الشعبة وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان أن الحرب ليست على وشك الاندلاع. حتى عندما بدأ الروس إجلاءً طارئًا ضخمًا لمستشاريهم المدنيين من مصر وسوريا، قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية إيلي زعيرا إنه لا يوجد سبب لتوقع اندلاع الحرب.
قبل يومٍ من هجوم السادات، استدعى "الملاك" زامير على نحوٍ طارئ إلى لندن، ليخبره أن الهجوم قادم في السادس من أكتوبر 1973، الموافق ليوم كيبور في إسرائيل. فقط في صباح اليوم التالي بدأت إسرائيل الحشد. وإذا استمع الجيش لمروان في الأشهر التي سبقت أكتوبر، كان ليكون أكثر استعدادًا بكثير. كونه في اللحظة الأخيرة، ربما يكون التحذير الآتي من لندن قد أنقذ إسرائيل من خسارة هضبة الجولان وفاجعةٍ أسوأ مما حدث بالفعل.
لماذا فعل ذلك؟ لماذا يخون مصري يبلغ من العمر 29 عامًا عام 1973 ومتزوج من ابنة أعظم بطل في بلادِه بلادَه لصالح غريمها الأكبر؟ كانت الأموال جزءًا من الأمر. دفع الموساد لمروان ما يفوق المليون دولار، ما ساعده على أن يصبح رجلًا شديد الثراء. كانت الأنا جزءًا أيضًا. بصفته "الملاك"، كان مروان اللاعب الرئيسي في أخطر صراعات العالم، وقد استمتع بالإثارة التي حملها ذلك الدور.
توضح رواية بار-جوزيف الآسرة أن الموساد لم يكن الجهاز الوحيد الذي يدفع لمروان، حيث رأته المخابرات السعودية كعامل نفوذ مفيد في القاهرة. ربما دفع رئيس مخابرات فيصل وزوج ابنته، كمال أدهم، لمروان مبلغًا يفوق حتى ما دفعه الموساد في عقودٍ مغرية وصفقاتٍ أخرى. كان وجود مروان بقمة أغسطس المحورية انعكاسًا لثقة السعودية به. السعوديون، بالطبع، لم يكن لديهم أي فكرة عن كونه عميلًا إسرائيليًا. لكن الإسرائيليين كان لديهم مصدرٌ على علاقةٍ بالعائلة المالكة، وهو انقلابٌ كبير.
بعد الحرب، انخرطت وكالات الاستخبارات الإسرائيلية في حربٍ أخرى حول من ينبغي أن يتحمل مسؤولية الكارثة التي سببها تجاهل التحذير في أكتوبر 1973. إذا كانت الحروب بين الجواسيس مميتة، فإن الحروب بين الجواسيس السابقين على تحمل المسؤولية هي أكثر فتكًا. حاول زعيرا بكل جهده تشويه "الملاك" كعميلٍ مزدوج ذكي بعد تقاعده، لتبرئة شعبة الاستخبارات العسكرية من إهمالها الخطير. بالتدريج، نشر زعيرا تفاصيل بشأن أكبر عملاء الموساد إلى الإعلام، والتي كانت تشير إلى أشرف مروان، حتى إن زامير حاول منعه من اللجوء إلى المحكمة.
بحلول عام 2007 كان الوقت قد تأخر للغاية. سقط مروان، أو تم دفعه، ليلقى حتفه من شرفة منزله بلندن. كان التحقيق الذي أجرته سكوتلاند يارد لا مباليًا، حيث استنتجوا أن الأمر كان انتحارًا أو قتلًا من قِبل مصادر مجهولة.
بالنسبة للموساد، كان كشف أفضل مصادر الجهاز على الإطلاق من قِبل ضابط استخبارات إسرائيلي زميل كارثةً لن تمحى. سوف يكون على أي متعاون مستقبلي أن يفكر طويلًا وبعمق بشأن ما إذا كان الموساد يستطيع الحفاظ على سر.
تعليقات