الأصلُ والفرعُ في قصّةِ أوّلِ رئيسٍ صهيونيٍّ يحكمُ مصرَالأصلُ والفرعُ في قصّةِ أوّلِ رئيسٍ صهيونيٍّ يحكمُ مصرَ


                       

ثابت عيد

عادت روح ثورة يناير ٢٠١١م إلينا بعد أنْ جثم كابوس الانقلاب على صدورنا سنواتٍ طويلةٍ.أثبتت لنا هذه السّنوات الماضية سخافة السّفّاح وخبثه من ناحية، وهشاشة المعارضة وانقسامها من ناحية أخرى. 

ولولا ضعف المعارضة وعدم فعّاليّتها، لما استمرّ هذا الانقلاب الأسود حتّى يومنا هذا. فالانقلاب استمرّ، ليس لقوّته، بل لضعف المعارضة.

يكفي مثلًا أنّ نشير إلى أنّ الدّول الدّاعمة للانقلاب أنفقت مليارات  الدّولارات عليه، في حين أنّ الدّول الدّاعمة للشّرعيّة، لم تدعم أنصار الشّرعيّة بصورة ناجعة.


السّعوديّة والإمارات وإسرائيل ضخّت مليارات الدّولارات  لدعم السّفّاح السّيسي وانقلابه. أمّا قطر وتركيا، فقد اكتفيتا باستقبال بعض النّخب المصريّة من أنصار الشّرعيّة، دون التّفكير في إمكانيّة دعم هذه المعارضة بميزانية مناسبة من أجل ملاحقة قادة الانقلاب قضائيّا في جميع دول العالم، وفضحهم إعلاميّا في وسائل الإعلام الغربيّة بالذّات،أيضًا انشقاق المعارضة وانقسامها على نفسها صبّ في صالح الانقلابيّين.


وانعكستْ هشاشة المعارضة في غياب شبه كامل لصوت الشّرعيّة في الغرب،الغرب الّذي يريد سماع وجهة نظرنا، لا تصله من المعارضة أي رسالة أو إشارة. الغرب الّذي يدعم الانقلاب كان من الممكن إقناعه بتغيير سياسته هذه، لو كان لدينا نخب مصريّة حقيقيّة، تتقن التّعامل مع الغربيّين، وتعرف قواعد اللّعب على السّاحة الدّوليّة، وبعد.


بودّي الاقتصار هنا على الإشارة إلى مسألة الأصل والفرع في قصّة السّفّاح المصريّ المدعو السّيسيّ، وتسهيلًا للقارئ الكريم، دعوني أقدّم ثلاثة أمثلة تُبيّنُ موضوع الأصل والفرع بصفة عامّة:

١- قبل سنوات اشتكى أحد الإعلاميّين من أنّ الشّيخ الشّعراويّ يُعارض زراعة الأعضاء. كان هذا هو الفرع لكنّ موقف الشّعراويّ هذا يمكن فهمه بسهولة، إذا فهمنا الأصل، وإذا عرفنا أنّه كان صوفيًّا، فالصّوفيّة هنا هي الأصل، ورفض زراعة الأعضاء هو الفرع. ما معنى هذا؟ معناه أنّ الصّوفيّة لديهم قناعة بأنّ المرض فرصة للتّكفير عن الذّنوب، ولذلك لا يجوز للمرء عندما يمرض أنْ يلجأ للطّبيب، بل عليه الاستسلام تمامًا للمرض!

فإذا لم نفهم هذه القاعدة الصّوفيّة الّتي يمكن الرّجوع إليها في كتب الصّوفيّة، ومنها (إحياء علوم الدّين)، فلن ندرك مغزى رفض الشّعراويّ زراعةَ الأعضاءِ.

٢- في ذروة الصّراع بين حكومة المستشارة الألمانيّة ميركل وروسيا، بسبب أوكرانيا، فوجئ الجميع بذهاب مستشار ألمانيا الأسبق هيلموت شميدت


لمقابلة بوتين، وإعلان تأييده له ضدّ ميركل ! كيف يمكن لمستشار ألمانيّ أن يتحالف مع رئيس روسيّ ضدّ حكومة بلاده؟
 
فأين هنا الأصل، وأين الفرع؟

الأصل هنا هو فكر «الحزب الاشتراكي الدّيمقراطيّ الألمانيّ» الّذي ارتبط مبكّرًا بالفكر الشّيوعيّ، وارتبط قادته منذ البداية بالاتّحاد السّوڤييتيّ (سابقًا) ارتباطًا وثيقًا، ثمّ تطوّرت هذه العلاقة الوطيدة لاحقًا، في عصري هيلموت شميدت وشرودر إلى قناعة راسخة بضرورة التّعاون مع روسيا، وتحاشي استفزازها، لأنّها ببساطة دولة عظمى بالمعنى الحرفي للكلمة.

نستطيع إذًا أن نقولَ إنّ الأصل هنا هو الفكر الاشتراكيّ الدّيمقراطيّ، والفرع المنطقيّ هو رفض فرض أيّ عقوبات على روسيا يكون من شأنها استفزازها، وخلق توتر بينها وبين ألمانيا.

٣- تروي كتب التّاريخ حكاية امرأة عراقيّة كانت لا تخشى الجنّ، بعكس سكّان قريتها!! فأين هنا الأصل وأين الفرع؟ الأصل هو أنّها كانت امرأة عراقيّة مثقّفة على المذهب المعتزليّ. والمعتزلة كانوا لا يؤمنون بإمكانيّة رؤية الجنّ. والفرع هو أنّ هذه المرأة لم تكن تخشى من ظهور الجنّ!!

 

نعود إلى موضوعنا الأساسيّ: السّفّاح المصريّ، ونتساءل: ما هو الأصل وما هو الفرع؟

الأصل الّذي لم يدركه معظم المصريّين إلّا الآن هو حقيقة كونه يهوديًّا صهيونيًّا، والفرع هو ما صدر عنه من تصرّفات مازال الشّعب المصريّ غير مدرك لخطورتها.

أمّا جذوره اليهوديّة الصّهيونيّة، فقد اعترف هو بها صراحة مؤخرًا، حيث يدّعي للمصريّين أنّه مسلم، في حين أنّه يمارس شعائر الدّيانة اليهوديّة في بيته مع أسرته. وليس هذا يعني معارضتنا لليهوديّة من حيث هي يهوديّة، بل يعني معارضتنا للاستهبال من ناحية، ورفضنا أن يقوم شخص صهيوني بحكم أغلبيّة مسلمة، مثلما يرفض الصّهاينة أن يحكمهم مواطن مسلم من عرب فلسطين.

واعترف السّفّاح المصريّ المدعو السّيسيّ أنّه استدعى حاخامات يهود سرّا لمصر، بعد موت أمّه، ويُقال إنّهم أخذوا جثّتها معهم لدفنها في إسرائيل،والسّؤال هنا هو: ماذا يعني أن يتمكّن شخص صهيونيّ من خداع المصريّين، وإيهامهم أنّه مسلم، بل من الإخوان، حتّى يصل إلى منصب رئيس الجمهوريّة؟ وما هو المخطّط الصّهيونيّ الّذي يريد تنفيذه؟

خداع  المدعو السّيسيّ للمصريّين سنواتٍ طويلةً، والكذب عليهم، وإيهامهم أنّه مسلم، قد يكون له علاقة بشخصيّته غير السّوية من ناحية، ومن ناحية أخرى برغبة شيطانيّة عميقة في خدمة إخوانه الصّهاينة في الدّين، من أجل تدمير مصر، ليُصبح بطلًا قوميًّا في إسرائيل.

الأصل إذًا في حالة المدعو السّيسيّ هو كونه يهوديًّا صهيونيًّا قحًّا. والفرع يمكن استنتاجه بسهولة من معرفة العقيدة الصّهيونيّة، وموقفها من العرب والمسلمين.

فبنو صهيون يريدون إذلال العرب والمسلمين جميعًا، واحتلال بلادهم، ونهب ثرواتهم، وكسر نفوسهم، وهتك أعراضهم، وتخدير عقولهم، وإفساد شبابهم، وتدمير اقصادهم، وإملاق مواطنيهم، وإضعاف جيوشهم، وجرجرتهم جميعًا إلى العصور الحجريّة.

لقد تمكّن المدعو السّيسيّ من تضليل مئة مليون مصريّ ببراعة يُحسد عليها، بالرّغم من خفّة عقله، وضيق أفقه، وضحالة فكره، وضعف آلة الكلام عنده، وبالرّغم من أمّيّته المعروفة، وعجزه عن تركيب جميلة واحدة مفيدة.

ضلّل المدعو السّيسي مئة مليون مصريّ، وأوهمهم أنّه مصريّ، مسلم، عربيّ، بالرّغم من أنّه ليس مصريًّا، وليس عربيًّا، وليس مسلمًا. ليس مصريّا لأنّ أمّه مغربيّة، وليس عربيًّا، لأنّ أمّه ذات جذور يهوديّة، وليس مسلمًا، لأنّه صهيونيّ الفكر والتّوجّه.

علينا الآن أن نتخيّل ما الّذي يمكن أن يفعله شخص صهيونيّ متطرّف في أكبر دولة عربيّة. في اعتقادي أنّ كبار الصّهاينة ما كان لهم أن يتمكّنوا من تحقيق ما حقّقه المدعو السّيسيّ لإخوانه بني صهيون في خلال سنوات قصيرة:

فهو، بمساعدة بني صهيون، حرص منذ البداية على إغراق مصر في الدّيون، لدرجة أنّ المرء كان يتعجّب من تراكم الدّيون، قبل أن نعلم علم اليقين أنه صهيونيّ قحّ، وأنّ الهدف من زيادة الدّيون هو إغراق مصر في الدّيون، وتدميرها اقتصاديّا، وتسهيل الاستيلاء عليها وابتزازها في المستقبل، فضلًا عن التّثقيل على كاهل الأجيال القادمة بحيث يظلّون يسدّدون هذه الدّيون طوال حياتهم !!

فهو لا يعبأ بحجم هذه الدّيون، ويتلهّف للحصول عليها من الدّاخل والخارج، وينفقها جميعًا بأساليب لا توحي بالحدّ الأدنى من الحرص على مصلحة المصريّين واقتصادهم، فيطلب الدّيون، لشراء أسلحة باهظة التّكاليف، بالرّغم من أنّ مصر في حالة سلام (بارد) من إسرائيل، وليست بحاجة إلى أسلحة بقدر حاجتها إلى التّنمية. ويتجاهل حقوق المصريّين في التّعليم، والصّحّة، والحياة، ويشيّد القصور لنفسه وعصابته.

ويحصل على مساعدات سعوديّة إماراتيّة، ويخصّصها لعقد صفقات مع شركة سيمنس الألمانيّة، كنوع من أنواع الرّشوة لكي تعترف به ميركل، وتستقبله!!

أمّا شعب مصر، فهو لا يفكّر فيه من قريب أو بعيد. وعندما يطالبه المصريّون بشيء، يكون ردّه الجاهز هو: «مفيش»!!

كلّ هذا وظلّ المصريّون ساكتين عليه سنوات طويلة، منذ انقلابه الأسود على الرّئيس مرسي، وحتّى يومنا هذا: فيا للعار علينا جميعًا !!

هدف المدعو السّيسيّ باختصار هو النّصب على الشّعب المصريّ من ناحية، والعمل بالمبدأ الاستعماريّ الأصيل: (فرّقْ تسد)، فهو يضرب طبقات المجتمع بعضها ببعض، الشرطة بالجيش، والجيش بالمخابرات، والمخابرات الحربيّة بالمخابرات العامّة، ويحسب أنّه يستطيع ممارسة هذه الحيل الشّيطانيّة إلى الأبد.

واللّافت هنا هو استخدامه مصطلحات اخترعها بنو صهيون، مثل «الإسلام السّياسيّ»، طبعًا بدون أن يذكر كلمة واحدة عن «آليهوديّة السّياسيّة»، أو «المسيحيّة السّياسيّة». فالأحزاب الدّينيّة اليهوديّة مسموح بها في إسرائيل، وهي تعمل بكامل الحرّيّة، ولا يجرؤ أحد على وصمها بأنّها (جماعة محظورة)، أو أنّها «يهوديّة سياسيّة»، والأحزاب الّتي تُطلق على نفسها (مسيحيّة) موجودة في دول أوروبيّة كثيرة، منها حزب ميركل المسمّى:

«الاتّحاد المسيحيّ الدّيمقراطيّ لألمانيا». فلماذا لا يوجّهون أصابع الاتّهام إلّا للمسلمين؟

وفضلًا عن ذلك أظهر المدعو السّيسيّ عداوة شديدة للإخوان المسلمين عمومًا، وهذا توجّه صهيونيّ صميم. فبنو صهيون يمقتون أيّ شخص، أو تيّار، أو حزب، أو جماعة، أو دولة، تعارض سياسة إسرائيل. وحرص المدعو السّيسيّ على القضاء على جماعة الإخوان المسلمين تمامًا واضح للعيان.

اللّافت أيضًا هو ما اعتادت وسائل الإعلام أن تنقله لنا من (تعاون أمني وثيق بين مصر وإسرائيل) في عهد المدعو السّيسي.

ما معنى هذا؟ معناه ببساطة هو الاستعانة بخبرات إسرائيل في إذلال الفلسطينيّين ونقلها لمصر، لإذلال المصريّين. بل من المرجّح أن يكون هناك وحدات إسرائيليّة عسكريّة كثيرة تعمل في مصر، وتساعد المدعو السّيسيّ في سياسته القمعيّة للشّعب المصريّ.

ولعلّ هذا ما يُفسّر لنا حرص كثير من قوّات الأمن على تغطية وجوههم،أو ربط عصابات على عيون المقبوض عليهم، كما تفعل إسرائيل مع عرب فلسطين.

وبعد أن عرفنا الآن أصل المدعو السّيسيّ الصّهيونيّ القحّ، فلا عجب أن نراه يشعر بالرّاحة والطمأنينة والانتشاء، عندما يجتمع مع إخوانه الصّهاينة مثل نتنياهو أو يهود أمريكا، في الوقت الّذي تظهر عليه عصبيّة شديدة عندما يضطرّ إلى مجالسة شخصيّة إسلاميّة فعداء بني صهيون للمسلمين متجذّر في إيديولوجيّتهم.

وإذا عدنا إلى توراة اليهود الّتي تُعتبر الكتاب المقدّس للمدعو السّيسيّ، سنجدها تعجّ بكراهية المصريّين بالذّات فهناك نوع من الثّأر القديم الّذي ما زال اليهود يشعرون به تجاه المصريّينَ، بعدما طردهم فرعون من مصر.

وللمرء أن يتخيّل هذا القدر الكبير من الكراهية الّذي يحمله السّيسيّ الصّهيونيّ في قرارة نفسه لمصر، كتفسير لجميع قراراته الّتي اتّخذها منذ انقلابه من أجل تدمير مصر والمصريّين:

وإلّا فما معنى أن يصدر أوامره بتخفيض قيمة الجنية المصريّ بمنتهى السّهولة، ليجعل بعد ذلك حياة المصريّين جحيمًا من الفقر والغلاء؟

وما معنى أن يقوم بإلغاء الدّعم عن السّلع الأساسيّة؟

وما معنى ألّا تحرّك معاناة المصريّين شعرة في مفرقه؟

وما معنى إصراره على إذلال المصريّين، وإملاقهم، وقمعهم؟

وما معنى تشجيعه الشّرطة والجيش على تقتيل المعارضين؟

وما معنى حرصه على إشاعة أجواء من الإرهاب والخوف والذّعر بين المصريّين؟

الإجابة على كلّ هذه الأسئلة تتمثّل في أصله الصّهيونيّ المتطرّف. فكما تصرّ إسرائيل على إذلال الفلسطينيّين في قطاع غزّة منذ سنوات طويلة، ها هو المدعو السّيسيّ ينقل إلى مصر السّياسة الإسرائيليّة نفسها من أجل إذلال مئة مليون مصريّ بالتّمام والكمال.

لكن المقزّز في كلّ ذلك هنا، ليس كون المدعو السّيسيّ يرتكب كلّ هذه الجرائم، فهذا هو المنتظر من أي شخص صهيونيّ، لكنّ الصّادم حقًّا هو أن يجد بين المصريّين من صدّقه، برغم كذبه، وأطاع أوامره، برغم صهيونيّته، وأيّده، برغم عدائه الشّديد للمصريّين، وتعاون معه برغم أنّ هدفه الأخير هو تدمير مصر تدميرًا شاملًا، وإذلال شعبها، وإملاق مواطنيها؟

كيف يا مصريّون تسمحون لشخص صرتم تسمّونه «بلحة» أن يخدعكم كلّ هذه السّنوات الطّويلة؟ كيف يا مصريّون صدّقتم أوهام هذا النّصّاب الّذي ضلّلكم، وخدّركم، وضحك عليكم، برغم أمّيته وغبائه؟

هذا هو السّؤال الأكبر!!


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان