أحمد حلمي: زعيم مصري، وقائد ثوري، وصحفي حر،وفلاح صادق، ومعتقل سابق! أحمد حلمي، وُلد بحي الحُسين بمحافظة القاهرة عام 1875م، مات والده وهو في بطن أمه
أحمد حلمي !
من منا لم يسمع بهذا الاسم؟! من منا ذهب إلى القاهرة ولم يزر أحمد حلمي؟! من منا لم يسمع سائقي السرفيس وهم ينادون: أحمد حلمي .. أحمد حلمي؟!
أحمد حلمي: زعيم مصري، وقائد ثوري، وصحفي حر،وفلاح صادق، ومعتقل سابق!
أحمد حلمي، وُلد بحي الحُسين بمحافظة القاهرة عام 1875م، مات والده وهو في بطن أمه، فتولى رعايته خاله، واهتم بتربيته وتعليمه التعليم الأولي، وعند الخامسة عشرة من عمره، ترك خاله وذهب إلى الإسكندرية مشيا على الأقدام، والتحق في البداية عاملا بشركة أجنبية، وأكمل تثقيف ذاته، وتعلم الفرنسية، ثم التحق بوظيفة أخرى بوزارة المالية، إلى أن انتقل منها لهيئة المساحة.
وهناك في الإسكندرية، سمع عن (جريدة السلام) فاتصل بإدارتها عام 1898م، وعرض عليهم أن يعمل مراسلا لهم من القاهرة، فقبلوا عرضه، ونجح في أداء مهمته نجاحا مبهرا.
وبعد أقل من عامين، كان الزعيم مصطفى كامل قد أنشأ جريدة (اللواء) عام 1900م، فالتحق حلمي بهيئة تحريرها وارتقى بسلمها حتى أصبح رئيسا لتحريرها.
وكانت اللحظة الفارقة في مسار حياته وعمله، هي تلك اللحظة التي تلت حادثة دنشواي عام 1906م، حيث اتجه حلمي بنفسه إلى المنوفية ليشاهد بأم عينه بشاعة ما ارتكبه الإنجليز بحق المصريين، فينقل الحدث على صفحات اللواء بروح وطنية وثابة؛ تحت عنوان (يا دافع البلاء)، فيقوم مصطفى كامل بالاستعانة بمقالته في الدعوة لعزل اللورد كرومر.
ويسعى الإنجليز لبذر روح التفرقة بين المسلمين والأقباط في مصر، فينقضّ عليهم أحمد حلمي بمقالة (مصر لكل المصريين) داعيا فيه لرفض التفرقة بين المصريين على أساس الدين.
ويظل حلمي في ثورته الوطنية، بروح الصحفي الحر، وينادي بتوحيد مصر والسودان في مواجهة الإنجليز من خلال مقالة (أبناء النيل). ولا يكتفي حلمي عند ذاك الحد؛ بل يتقدم الصفوف حاملا توقيعات أكثر من 75 ألف مواطن مصري إلى الخديو عباس حلمي الثاني مطالبين إياه بإعلان الدستور.
وفي عام 1908م، ومع وفاة الزعيم مصطفى كامل في ريعان شبابه عند الرابعة والثلاثين من عمره، تنتهي علاقة حلمي بجريدة اللواء التي اتخذت سياسة مهادِنة للإنجليز والخديو بعد تدخل أسرة مصطفى كامل في تحريرها.
قام أحمد حلمي بإصدار جريدة جديدة، سماها (القطر المصري)؛ نادي فيها بالقومية المصرية، والتحرر من كل محتل، سواء الإنجليز أو العثمانيين أو أسرة محمد علي، وطالب بعودة مصر للمصريين، واستنكر على الأسرة الخديوية ما يأخذونه من أموال رغم أنهم سلّموا مصر للإنجليز، وطالب مجلس النواب بعدم منح الأسرة الخديوية 350 ألف ليرة سنويا، سائلا إياهم عن مبرر ذلك قائلا: "أي شر دفعوه عن مصر، أم أي خير جلبوه لها، كي يكال لهم المال جذافا"؟!
عند ذاك تضايق الخديو من حلمي، كما تضايق الإنجليز، وقدموه لمحاكمة بتهمة (الطعن في الحضرة الخديوية) عام 1909م، فقضت عليه المحكمة بعشرة أشهر حبس مشدد، وإغلاق الصحيفة لستة أشهر، فهتف الحاضرون داخل المحكمة وخارجها باسم أحمد حلمي، منددين بالحكم القاسي... (تخيل معي كيف كان الحكم القاسي) .. وبعد خروجه من السجن ألفّ كتابا أسماه: (السجون المصرية في عهد الاحتلال الإنجليزي).
خرج أحمد حلمي من السجن، مرفوع الهامة، حرا كما كان، وصدر العدد الأول من صحيفة القطر المصري – بعد الإفراج عنه – عام 1910م، بعنوان: (فلتسقط حكومة الفرد).. حينذاك ضاق الخديو والإنجليز بالجريدة وصاحبها، فصدر قرار إغلاق نهائي بحقها.
لكن.. هل توقف أحمد حلمي عن ثوريته؟، وهل سكت عن المطالبة بحقوق المصريين؟ ... لا لا .. لم يتوقف، ففي عام 1914م، أصدر جريدة (الشرق)، غير أن جُل اهتمامها تناول الشؤون الاجتماعية والعلمية والأدبية، وبالرغم من ذلك، وبسبب الحرب العالمية الأولى وإصدار الأحكام العرفية، تم إغلاق الصحيفة!.
حينئذ، اتجه أحمد حلمي نحو رغبة جامحة من رغباته، وهي العمل بالزراعة والفلاحة، ولكنه رغم ذلك لم ينس قضيته الأولى ومهنته الأساسية، فظل يُرسل المقالات الثورية للعديد من الصحف. وفي عام 1919م، أصدر جريدة (الزراعة)، وطالب بإنشاء وزارة للزراعة، ونقابة للمزارعين.
وفي عام 1936م، ومن عمارته بشبرا، وعن عمر ناهز الـ 61 عاما، رحل حلمي عن دنيانا، في هدوء ... وتم تكريمه - وربما ليس تكريما - بإطلاق اسم الميدان وموقف السيارات باسمه!
تعليقات