سكان المناطق العشوائية ليسوا عشوائيين والتطوير لا يلزمه التهجير عانت مصر على مدى عقود ممتدة من انتشار المناطق العشوائية في ربوع الوطن وبالأخص محيط المدن الكبرى وعلى رأسها القاهرة
Ahmed Altantawy - أحمد الطنطاوي
بيان سكان المناطق العشوائية ليسوا عشوائيين والتطوير لا يلزمه التهجير عانت مصر على مدى عقود ممتدة من انتشار المناطق العشوائية في ربوع الوطن وبالأخص محيط المدن الكبرى وعلى رأسها القاهرة، وذلك نظرًا لعوامل اجتماعية وعمرانية وسياسية متنوعة أسهمت فيها سياسات عامة أدت إلى انسحاب الدولة من واجبات اجتماعية عديدة كانت تقوم بها دون أن تفسح المجال لمجتمع مدني قوي يسد الفراغ الذي تتركه، وصاحب ذلك ظروف اقتصادية عصيبة وفوضى في القطاع العقاري قادت إلى هذا المشهد. ولا شك أن الحياة في تلك المناطق العشوائية تمثل عقبة في طريق التنمية البشرية لسكانها على كافة المستويات الصحية والتعليمية والاقتصادية ما يجعل إصلاح المناطق العشوائية من بين الأولويات الواجبة. لكن إصلاح المناطق العشوائية في مصر قد تم في كثير من الأحيان وفق مخطط فوقي لم يُلقِ بالًا إلى المواطنين واحتياجاتهم واختياراتهم وحقوقهم ومصالحهم وارتباط حياتهم بالمناطق التي يقطنونها، وهكذا شهدنا على نحو متكرر أشكالًا من الإخلاء والتهجير القسري للسكان على نحو خطير كما يجري الآن في أمكان متفرقة من أرجاء الوطن، ونقل للسكان إلى مناطق جديدة دون مراعاة لظروف عملهم واحتياجاتهم، فضلًا عن استمرار أشكال من الوصم الطبقي لأهالي تلك المناطق وذيوع نغمة دعائية تمجد العزلة والفصل بين السكان على أساس طبقي. إن تطوير المناطق العشوائية يجب أن يتم وفق نموذج عمراني مختلف تمامًا يقوم من البداية على دمج السكان في عملية صناعة قرار التطوير وتخطيطه وتحديد أولوياته وأهدافه، انطلاقًا من رؤية تقوم على أن الإنسان هو غاية الدولة ومحددها في الوقت نفسه، كما يحرص هذا النموذج المختلف على حماية حقوق السكان في الأرض وملكيتهم لها وحقهم في استمرارهم في سكنها. إن هذا النموذج ليس طموحًا مثاليًا وإنما هو من بين الأطر السياسية العامة التي توصي بها المنظمات والخبراء المختصون في هذا المجال، لكن تحقيقه يتطلب إرادة ديمقراطية شعبية وإدارة تجمع بين الكفاءة والحرص على إشراك المواطنين في صناعة القرارات التي تمس حياتهم اليومية. وإنني أتعهد بأن يقدم برنامجي وسياساتي هذا النموذج المختلف للسياسة العامة الديمقراطية التي تضع الإنسان وحريته وكرامته في مقدمة أولوياتها، وتجعل من الإرادة الشعبية أساسًا لها لا تبتعد عنه مهما كانت المبررات أو الضغوط. كما أتعهد بمراجعة ما جرى خلال السنوات الماضية من إجراءات شملت أي نوع من الانتهاك لحقوق سكان بعض المناطق، ومحاولة رد حقوقهم إليهم ما أمكن، أو تعويضهم عنها بالشكل المناسب الذي يرفع عنهم الضرر بكل ما هو ممكن. أحمد الطنطاوي ، ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٣
تعليقات